كورونا يزيد تحديات العمال في قطاع الزراعة

على ما يبدو أنه ومع جائحة كورونا، تلك التي اجتاحت العالم وتسببت بعشرات الضحايا ومئات الاصابات، تفشى معها “تحديات” عديدة عصفت بالعمالة في الأردن، فلم يعد الخوف يقتصر من الاصابة بالفيروس بقدر ما أصبح من تلك الأبعاد والآثار القاسية التي تخلفها الجائحة والتي تتمثل بالخوف من فقدان لقمة العيش وتفاقم التحديات وغيرها من مجالات حقوق الإنسان، فبتنا نشهد حلقة مفرغة من الانتهاكات بحسب منظمات حقوقية. 

والبيئة العمالية ليست بمعزل عن تلك الانتهاكات، فقد اعتبرها حقوقيون بيئة خصبة لتأجيج الانتهاكات نتيجة للصعوبات الاقتصادية التي تعيشها المؤسسات وهو ما فتح الباب واسعاً أمام تزايد انتهاكات حقوق العمال سواء من الأردنيين أو اللاجئين.

بدوره، قال الناطق الاعلامي في وزارة العمل “تلقينا أكثر من 5 آلاف و 786  شكوى تخص عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور بعدد من القطاعات، هذه الشكاوى يتم التعامل معها من قبل فرق التفتيش واتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين وإلزام صاحب العمل بتعويض العامل عن الأجر الذي لم يتقاضاه بعد إعطائها مهلة لتصويب أوضاعه”. 

“كورونا أثرت اقتصادياً على كافة القطاعات، وأوامر الدفاع ألزمت أصحاب العمل بعدم تسريح العمالة التي مضى عليها أربع عقود متواصلة، ووزارة العمل تتابع تطبيق وأمر الدفاع والالتزام بها في كافة المنشآت” يقول الزيود.

وأوضح الزيود بأنه قد تم إنشاء منصة “حماية” للعمال في القطاع الخاص سواء للمواطن أو الوافد أو اللاجئ، لغاية استقبال الشكاوى العمالية متعلقة بإنهاء الخدمات وخفض الأجور، وتم فرض إجراءات مشددة حيث وصلت مخالفة بعض المنشآت إلى ثلاثة آلاف دينار.  

ويستطيع أي عامل التقدم بالشكوى عبر المنصة “حماية “؛ حيث يتم التعامل بسرية أو بعلنية معها حسب ما يرغب المشتكي، وفق الزيود.

في دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية عام 2020 حول مناعة العمل غير الرسمي بين اللاجئين السوريين في الأردن أوضحت أن 69% من اللاجئين يعملون بشكل غير مستقر، و39% من اللاجئين يبرمون اتفاقيات شفهية مع أصحاب العمل و 4%  لا يبرمون اتفاقيات شفهية ولا مكتوبه، وأثبتت الدراسة أن العمالة غير الرسمية أعلى بين السوريين، منهم 52 % لم يبرموا عقود عمل اطلاقا و35% عملوا دون عقود.

أما قانونياً، المحامي زياد شواقفه بين أنه ومع بداية هذه العام تم إصدار قرار بالتعديل على قيمة الحد الأدنى للأجور من 220 دينار إلى 260 دينار ويُستثنى من هذه القرار القطاعات المتأثرة من جائحة كورونا لغاية تاريخ 30 /5 . 

“فيما يتعلق بقطاع الزراعة فإن بعض أصحاب العمل أخفضوا الأجور أو قاموا بقطعها عن العمال، فواجهنا خلال الأيام الماضية العديد من المشاكل والقضايا تخص بالتحديد عمال الزراعة، ونضطر في هذه الحالة  إلى اللجوء للمحكمة للمطالبة بالأجور المستحقة” يقول الشواقفة.

ويوضح أن اللاجئين والوافدين والمهاجرين يسري عليهم قانون العمل الأردني، ومن المفترض أن يكون هناك نظام خاص ينظم عمل الزراعة ولا بد من تفعيله، أما الآن فالعامل يبقى تحت مظلة قانون العمل لحين صدور ذلك النظام.

مؤكدًا أن قطاع الزراعة يشهد انتهاكات ما قبل كورونا وخاصة فيما يتعلق بعمل الأحداث والأجور،  والاتفاقيات الدولية نصت على احترامهم وعدم متاجرة بهم وعدم بيع العقود أو شرائها وعدم بيع تصاريح العاملين والذي يندرج تحت عنوان الاتجار بالبشر. 

من جانب آخر، قالت مديرة البرامج في منظمة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ياسمين إشتي، “بسبب كورونا تم ايقاف الكثير من القطاعات، والقطاعات الحيوية محصورة بالزراعة والاغذية والقطاع الصحي، واعتبارها قطاعات حيوية لا يعني ذلك أنها تخلو من الانتهاكات”. 

“قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي تتعرض للانتهاكات، لأنه موسمي ويعتمد على مزاجية صاحب العمل وهذه القطاع أغلب الاتفاقات بين الطرفين غير رسمية” تقول إشتي.

وتتابع “العاملين كإنو يحملون شعار (إذا ما متنا من كورونا راح نموت من الجوع) فكان لديهم مخاوف كبيرة  من فقدان فرص عملهم وأن تسوء أوضاعهم أكثر مما هي عليه، بالرغم من ظروف العمل غير اللائقة، وهذا يزيد من خطر الاصابة بالفيروس، فضلا عن عدم تزويدهم بمستلزمات السلامة العامة، وهناك الكثير من الحالات كان يتعذر عليها الوصول لأماكن عملهم”.

وفيما يتعلق بوقف دفع الأجور، تعزو إشتي السبب وراء ذلك إلى أن الاستيراد والتصدير توقف خلال جائحة كورونا، وعند فرض الحظر الشامل، بعض المحاصيل الزراعية تعرضت للتلف وبعض المواشي نفقت، وهذه خسائر فادحة وقعت على عاتق صاحب العمل، وفي النهاية كل أطراف المعادلة تقاسمت الخسائر.

في نتائج استبيان عدته منظمة تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الانسان في شهر نيسان عام 2021 حول إجراءات السلامة والصحة المهنية في الزراعة في جنوب وشمال ووسط المملكة لعينة من العاملين من عدة جنسيات وأردنيين، أوضح الاستبيان أن نسبة 78.3% من العاملين لا يُزودن بأدوات السلامة والصحة العامة بينما 14،16% زودوا فيها، وشكل ما نسبته 67،34% منهم أنه سيخصم من أجورهم في حال جرى توزيع أدوات السلامة والصحة العامة . ويذكر أن منظمة العمل الدولية كانت قد أعربت عن استيائها من تزايد حالات انتهاكات حقوق الإنسان في الأردن في عدة مجالات ضمن تقريرها السنوي 2020؛ حيث أشار التقرير إلى وقوع عدد كبير من الانتهاكات بحق العمالة المهاجرة من بينها حالات الطرد التعسفي وعدم سداد الأجور وبأن العديد من العاملين فقدوا وظائفهم

Leave a Reply